مقالات و أراء

لماذا انتفض الأساتذة بجميع فئاتهم ضد النظام الأساسي الجديد؟

 

 

في ما قبل سنة 2016 كان التوظيف في مجال التربية و التعليم يخول للأساتذة مناصبا ماليا تظهر في قانون المالية و يصبح الأستاذ موظفا عموميا ذو منصب مالي قار و ممركز و يسمى موظفا في وزارة التربية الوطنية و يسري عليه النظام الأساسي لموظفي وزارة التربية الوطنية.

أما في سنة 2016 فقد تغير نوع التوظيف في مجال التدريس و اختفت المناصب المالية من قانون المالية الذي يصدر كل سنة و أصبح التعاقد هو آلية توظيف الأساتذة الذين يريدون مزاولة مهنة التدريس. و أصبح الأستاذ غير محمي قانونيا و تحت رحمة المدير أو المفتش أو المدير الإقليمي أو مدير الأكاديمية، و أصبح أي خلاف بسيط مع رئيس المؤسسة التي يعمل بها سببا كافيا لطرده من العمل بدون اشعار و لا تعويض، وهذا ما حدث بالضبط سنة 2018 لأحد الأساتذة بمديرية زاكورة وهذا أشعل نار الاحتجاجات ابتداء من مارس 2018 و تبينت نوايا الحكومة و شعر الأساتذة أنهم يعملون في ضيعات و أن أسماءهم مكتوبة بقلم الرصاص في سجل الأكاديميات و أن أي مشكل بسيط قد يسبب له فقدان العمل.

 

 

و قادت التنسيقية الوطنية للأساتذة الذين فرض عليهم التعاقد ملحمة تاريخية غير مسبوقة و دعت إلى إضرابات متعددة و مسيرات احتجاجية في جميع المدن المغربية و كان أطول إضراب قادته التنسيقية دام لشهرين، مما أرغم وزارة التربية الوطنية للتفاوض معهم و القيام بإصلاحات. و قد فكرت الوزارة المعنية بإنشاء أنظمة أساسية للأكاديميات و إلغاء التوظيف بالتعاقد. إلا أن الأساتذة لم يقتنعوا و رأوا أن الوزارة فقط تتلاعب بالمفاهيم و أن التعاقد لا زال قائما و أنه لم يتغير أي شيء و استمرت الاحتجاجات لأن اساتذة التعاقد لم يحصلوا على مناصب مالية قارة و مكتوبة في قانون المالية و أن أجرتهم الشهرية يتلقونها من ميزانية المعدات المخصصة للأكاديميات مما يعني أن حالتهم المالية غير مستقرة و أن الحكومة ليست لها أية رغبة في إصلاح وضعية الأستاذ التي هي شرط أساسي لإصلاح التعليم.

بعد أن رأت الوزارة أن الأساتذة لم يقتنعوا بما اقترحته و ما قامت به من إصلاحات و رأت ان هناك تمييز واضح بين الأساتذة المرسمين مع وزارة التربية الوطنية و الأساتذة الموظفين مع الأكاديميات و أن الاحتجاجات لا تزال تشعل الساحة التعليمية، قامت باقتراح نظام أساسي وصفته بالمنصف و العادل و المحفز و قامت بصياغته مع النقابات بسرية تامة. 

و ندد الأساتذة في بلاغات بهذه السرية في صياغة نظام أساسي يخصهم بالدرجة الأولى و توقعوا أن يكون هذا النظام الأساسي تراجعيا و أن النقابات ستبيع نفسها للوزارة و ستوقع على هذا النظام الأساسي. 

 

فماذا حدث بعد أن تم إصدار النظام الأساسي؟
لماذا انتفض الأساتذة بجميع فئاتهم؟

 

بعد أن تم اصدار النظام الأساسي تبين أن كل ما كان متوقعا قد حصل وأن النظام الأساسي كان تراجعيا بامتياز و قد خلق تمييزا واضحا بين الأساتذة المرسمين و أساتذة التعاقد، وخلق غضبا عارما وجدلا واسعا وسط الاساتذة بمختلف درجاتهم وفئاتهم و بالأحرى وحد الأساتذة في الاحتجاجات للأسباب التالية:
  1. النظام الأساسي الجديد خلق مهام إضافية للأساتذة دون أي تعويض
  2. النظام الأساسي الجديد قدم تعويضات شهرية لجميع الهيئات ( المديرون، المفتشون .. ) إلا أن الأساتذة لم يحصلو على أي تعويض أو رفع في الأجر رغم أنهم يشكلون النواة الأساسية في قطاع التربية و التعليم.
  3. النظام الأساسي نظام تراجعي، فعوض أن يقدم تعويضات و تحفيزات في ظل ارتفاع الأسعار، قام بإضافة عقوبات و التي شغلت أزيد من ثلاث صفحات في النظام الأساسي.

 

بعد أن تم إصدار النظام الأساسي الجديد انتفض الأساتذة بجميع مكوناتهم و دعوا إلى إضراب  يوم  5 أكتوبر موازاة مع اليوم العالمي للمدرس مرفوقا بمسيرة احتجاجية في الرباط و التي قوبلت بالعنف و القبض على عدد من الأساتذة.

و توعد الأساتذة المحتجين الوزارة بمزيد من الاضرابات و المسيرات الاحتجاجية لما أحسوا به من عدم ابداء أي نية من طرف الوزارة لإصلاح المنظومة التعليمية في المغرب و الذي يتمثل في رد الوضعية الاعتبارية للأستاذ و تحفيزه ماديا و معنويا لكونه محور المنظومة التعليمية بالمغرب.

 

 

و يرجع سبب عدم توجه الوزارة إلى قلب الإصلاح أي تحفيز الأستاذ، هو كون أصحاب القرار هم  نفسهم اصحاب المدارس الخصوصية، وأي تحفيز للأستاذ يعني إصلاح للمدرسة العمومية و أي إصلاح للمدرسة العمومية يعني انزياح التلاميذ نحوها و ترك المدارس الخصوصية، و هذا يمس مصالحهم الخاصة و يعد من بين الأسباب الرئيسية لعدم وجود أي رغبة في إصلاح المدرسة العمومية بشكل جدي.

و يطالب الأساتذة ب:

 

  • إصلاح جدي للمدرسة العمومية و تحفيز الأساتذة 
  • إلغاء النظام الأساسي الحالي و اصدار نظام أساسي جديد يستجيب لمطالبهم
  • إلغاء التوظيف بالتعاقد مع الأكاديميات و إدماج جميع الأساتذة في أسلاك الوظيفة العمومية و توفير مناصب مالية في قانون المالية
  • توفير الوسائل التعليمية و كل المستلزمات التي يحتاجها الأستاذ في العملية التعليمية التعلمية
  • تحفيز الأساتذة ماديا و معنويا و زيادة الأجور اسوة بباقي الهيئات
  • الاستفادة من تكوينات و التعويض عنها اسوة بباقي الموظفين في القطاعات الأخرى.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى